هذه تفاصيل : ( فضيحة أكرا و صناديق أكرا )
نقلا عن وكالة الوئام الوطني
خلال سنة 2005 استغل بعض من ينشطون في العمليات المخالفة للقانون هوس قائد قوات الأمن الرئاسي حينها “محمد ولد عبد العزيز” وشغفه بجمع المال، فنصبوا له كمينا محكما للإيقاع به والتحايل عليه، فأوهمه أحدهم أنه ضابط عراقي سابق لديه الكثير من الأموال (مئات ملايين الدولارات) وانه لكي يستطيع استخلاص أمواله الكثيرة فهو يحتاج بعض الأموال، وانه سيعيد هذه المبالغ له اضعافا مضاعفة.
ابتلع “ولد عبد العزيز ” الطٌعم، وطلب من صديقه ورفيق دربه “محمد ولد الغزواني” السعي له في إيجاد من يستطيع ان يمده بملبغ 400الف دولار على أن يردها له بعد شهر او إثنين على ابعد تقدير، دون ان يكشف له عن في ما يريد هذا المبلغ، فكان له ما أراد ووفر له المبلغ الذي طلب.
وصلت المبالغ في صناديق للعاصمة الغانية “آكرا” وكانت السيدة الوزيرة “كمب با” هي الشخصية التي أئتمنها “عزيز” على إنجاز هذه المهمة، بل الأدهى من ذلك والأمر هو اننا استمعنا -من خلال تسجيلات مسربة- للسيدة الوزيرة وهي تعرض على هذه الجماعة توفير مكان آمن في موريتانيا لطائراتهم المحملة بالمخدرات إذا رغبوا في ذلك.
بعد ذلك، اكتشف “ولد عبد العزيز” ان العملية كلها كانت مجرد عملية نصب واحتيال، وأن الاموال التي دفعها أصبحت في خبر كان، فأحس بمرارة الشعور بالسذاجة يطغى عليه، واعتبر الأمر انتهاكا لرجولته، وانتقاصا من مكانته، فأقسم على ان يدفع زعيم تلك العصابة ثمن ذلك، عاجلا ام آجلا وأنه سيرد له الصاع بأضعافه.
بعد اعتلائه سدة الحكم في البلاد، ظل هاجس زعيم هذه العصابة يؤرق مضجع “ولد عبد العزيز” فجند مخابرات الدولة وعلاقاته الشخصية الإقليمية في سبيل معرفة من هو زعيم هذه العصابة ثم استجلابه إلى ارض البلد الذي يحكمه ليستظهر فيه قوته وبأسه، ويجعله يستعطفه ويسترحمه ليرضي بذلك كبريائه المهدور.
بفضل شبكة علاقاته مع رؤساء دول غرب إفريقيا والاتفاقيات الامنية والمخابراتية بين بلادنا وبعض هذه الدول، توصل “ولد عبد العزيز” بمعلومات تفيد بان زعيم العصابة ماهو إلا “عمر اليمني” فتم رصده ومراقبته ووضعه على رأس لائحة المطلوبين أمنيا لموريتانيا بتهم تتعلق بدعم الإرهاب في ليبيا وشمال مالي وارتباطه بالجماعات الإرهابية وتمويله لها.
طلب الرئيس بصورة شخصية من الرئيس المالي ومن مخابراته السماح لهم بإحضار “عمر اليمني” لاستجوابه في ملفات أمنية تعني موريتانيا، وهو ما تم له.
في يوم 12 -09-212 تم اغتيال السفير الأمريكي في ليبيا، فوجدها الرئيس السابق فرصة لربط “عمر اليمني” بالحادث فطلبت المخابرات الامريكية إحضاره إلى “غانا” لاستجوابه تمهيدا لترحيله إذا ثبت تورطه في العملية، وبعد تحقيقات معمقة اثبتت نتائجها أن لا علاقة له بملف اغتيال السفير الأمريكي طلبت المخابرات الموريتانية -بإيعاز من عزيز- إعادته إليها.
فتم حجزه في مكان سري بعيد عن اعين القضاء والعدالة الموريتانية، وتم تعذييه وأوشك على الهلاك، وارضى الرئيس الموريتاني كبريائه بان طلب منه “عمر اليمني” الشفقة عليه ومسامحته، فوافق الرئيس على ذلك بشروط من بينها تسجيل فيديو يبدو فيه المتهم وكأنه يتحدث مع شقيقه في “مالي” وهو يستهزئ من الرئيس السابق، ويصفه بالسذاجة والبله، ودفع المبلغ الذي دفعه ولد عبد العزيز مع زيادة معتبرة.
مايهمنا كموريتانيين، ليس براءة “عمر” أو إدانته-قد يكون ضالعا في المسألة- فالذي يهمنا هو لماذا يصل الجشع برئيسنا إلى درجة التعامل مع عصابة كهذه، ثم كيف لوزيرة في دولة ذات سيادة وقانون ان تضع نفسها تحت تصرف رئيس في اغراض شخصية تخصه وحده وتخالف القانون، وكيف تعرض على عصابات التهريب توفير مناطق آمنة على التراب الموريتاني.
ثم كيف تٌسخر إمكانيات ومقدرات عمومية ملكا للشعب الموريتاني، في تصفية حسابات خارجة عن القانون لصالح الرئيس السابق؟.
بقلم التار ولد أحمده